من مذكرات تلميذ كسول ...
بسرعة فهمت أن لا علاقة لي بذاك الفتى الذي قرأنا عنه في الفصل : الفتى المهذب الذي يستيقظ باكراً ويغسل وجهه وأسنانه ثم يغادر إلى المدرسة بعد أن يتناول وجبة فطوره المتوازنة
أستيقظ وفراشي مبلل بسبب أمطار لا علاقة لها بالسماء ، حينما أفعلها أحاول طمس الحادث وذلك بقلب الفراش
نهضت من فراشي وبينما كنت أتناول فطوري الكبير المكون من كأسي شاي وخبز وزيت الزيتون تذكرت أني لم أحفظ جدول الضرب ومجرد هذا الإسم يوحي بالعصا أكثر ما يوحي إلي بالرياضيات
خرجت من المنزل في اتجاه المدرسة و كالعادة حينما لا أكون بمزاجي يكون نصيب أي قط ألتقيه هو الرجم بالحجارة
كلما اقتربت من المدرسة ارتفع معدل نبض قلبي الصغير تساءلت عن سر عدم وجود معلم طيب و لما تيقنت أنه أمر مستحيل دعوت الله أن يقتل المعلم أو أن يضرب زلزال مدرستنا
في الطريق التقيت خديجة زال خوفي و قبل أن أحدثها سألتني : هل حفظت جدول الضرب والقرآن هذه المرة ؟
يا ورطتي ..لم أعد أشك في أن هذا اليوم سيكون يومي بامتياز
ولجنا القاعة ثم دخل المعلم فعم الصمت لم تعد لي رغبة في لعب دور المهرج و المضحك فقد بدا المعلم مخيفا كالشبح
ارتدى وزرته وأخذ يمر بين الصفوف رائحة عطره وصوت حذائه يزيدان من رعبه فجأة أتى الحارس طالباً المعلم فذهب إليه وتحدثا أمام الباب
رأيته وهو يضحك ويربت على كتف الحارس مؤشر جيد لاشك أن مزاجه جيد هذا اليوم .لكن ما إن تودعا
حتى دخل بنظرات تشتعل فيها النيران
-هل أنجزتم واجباتكم ؟؟؟
أجبت مع الجميع بكلمة ليست بلا ولا بنعم : نلاعم ..
أخذنا نمر إلى السبورة تباعاً لاستظهار ما حفظناه و في كل مرة ينتهي فيها دور أحدهم أنظر إلى المعلم بثقة وكأنني حفظت كل شيء ومتشوق للإستظهار
لكن لعبتي الصغيرة لم تعمِر طويلاً فقد مر الوقت بسرعة فجاء دوري وسقط القناع
وقفت أمام السبورة وأخذت أنظر إلى الأرض وساقاي ترتجفان ... لم أكن أفكر في أي شيء آخر غير عدد الضربات التي سأتلقاها وأملت أن لا يمسكني من أذني ثانية فهما كبيرتان بما فيه الكفاية
مددت يدي لعصا المعلم التي لا ترحم و أخذت أنظر إلى التلاميذ بين مستهزئ مني ومشفق علي ..
انتهت وجبة العقاب وعدت إلى طاولتي أحسست بيدي وكأنهما تنبضان لكني أحسست بسعادة كبيرة عندما تذكرت أنه آخر عقاب هذا اليوم